تقع حديقة الشهيد في قلب مدينة الكويت، على أطرافها، وتمتد على مساحة شاسعة تروي قصة الأرض، تاريخها، وثقافتها. هذا الصرح الحضاري ليس مجرد حديقة عامة، بل هو مشروع وطني عملاق نفذه الديوان الأميري، بهدف إبراز الصورة الحضارية للكويت وتقدير تضحيات أبنائها.
التحول من "الحزام الأخضر"
تعود جذور الحديقة إلى واحدة من أقدم الحدائق التقليدية في الكويت، والتي كانت تُعرف باسم "حديقة الحزام الأخضر". في مطلع التسعينيات، وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي، أمر أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بتكريم شهداء الوطن بتغيير اسم الحديقة وتحويلها إلى صرح يخلد ذكراهم، ليتم هدمها وإعادة تصميمها بالكامل وفق أحدث المعايير العالمية.
المساحة الإجمالية: حوالي 220 إلى 320 ألف متر مربع، مما يجعلها أكبر حديقة حضرية في الكويت.
افتتاح المراحل: افتُتحت المرحلة الأولى في 4 مارس 2015، والمرحلة الثانية في 12 أبريل 2017.
الهدف الأسمى: تخليد ذكرى شهداء الكويت الأبرار وتعزيز الهوية الوطنية والوعي البيئي.
فلسفة التصميم المعماري
يعكس تصميم الحديقة فلسفة عميقة تربط بين التاريخ والدستور والبيئة. حيث تم تقسيم الحديقة إلى مناطق ترمز إلى مراحل زمنية مختلفة في تاريخ الكويت، مع مراعاة عزل الضوضاء الخارجية باستخدام تلال ومسارات مصممة بعناية لتوفير الهدوء التام للزوار.
🏛️ المعالم التاريخية والثقافية الرئيسية
تضم حديقة الشهيد مجموعة من المعالم التي تشكل منصات ثقافية وتاريخية وتربوية، موجهة للزوار من كافة الأعمار والجنسيات:
1. متحف الذكرى (Memorial Museum)
هذا المتحف هو قلب الحديقة النابض بالوطنية والتاريخ. وهو مخصص لتوثيق وتخليد أهم المعارك والحروب التي خاضها الشعب الكويتي للدفاع عن أرضه، بما في ذلك:
معارك الكويت التاريخية: مثل معركة الرقة، ومعركة الصريف، ومعركة الجهراء.
الغزو العراقي: يعرض المتحف قصص وتضحيات الشهداء الأبرار الذين سقطوا خلال الغزو العراقي عام 1990، من خلال صور ومعروضات تذكارية مؤثرة.
الرموز الأربعة: يضم المتحف أربعة رموز في وسطه ترمز إلى أهم أربع معارك في تاريخ البلاد.
2. نصب الدستور
أحد المعالم المعمارية الأكثر رمزية في الحديقة، تم تشييده للاحتفال بـاليوبيل الذهبي للدستور الكويتي (1962-2012). ويأخذ النصب شكل صفحتي كتاب متقابلتين، ويرمز إلى أهمية الدستور كركيزة لحياة الدولة والمجتمع. يقع تحت النصب سرداب يمثل مكان ولادة الدستور، مستمداً قوته من عمق أرض الكويت.
3. متحف الموطن (Habitat Museum)
يُعد هذا المتحف معرضاً بيئياً فريداً من نوعه في الكويت، يهدف إلى نشر الوعي البيئي والتعريف بجمال وتنوع الحياة الفطرية في البيئة الكويتية.
التنوع البيولوجي: يعرض المتحف النباتات والحيوانات المحلية، بما في ذلك الطيور المهاجرة والنباتات الصحراوية.
المعروضات التفاعلية: يأخذ المتحف الزوار في رحلة تفاعلية عبر الأنظمة البيئية المحلية، لتعميق فهمهم لأهمية الحفاظ على التوازن البيئي.
4. بوابة الشعب ونصب الشهيد
بوابة الشعب: جزء أصيل من حائط الكويت القديم، وهي إحدى البوابات التاريخية الخمس المتبقية، تم دمجها بعناية في تصميم الحديقة لتكون شاهداً على ماضي الكويت.
نصب الشهيد: عبارة عن منحوتة زجاجية شاهقة، يبلغ ارتفاعها سبعة أمتار، أقيمت لتكريم الشهداء وترمز إلى صعود أرواحهم الطاهرة نحو السماء.
🌳 البيئة، المرافق الترفيهية، والفعاليات
تمثل حديقة الشهيد واحة خضراء في قلب العاصمة، صُممت لتكون متنفساً طبيعياً ومركزاً للنشاط المجتمعي والرياضي.
المناظر الطبيعية والمائية
المسطحات الخضراء والبحيرات: تغطي الحديقة مساحات واسعة من المروج الخضراء، وتضم بحيرة اصطناعية كبيرة ونوافير مائية عديدة، بما في ذلك النافورة الراقصة التي تقدم عروضاً ضوئية وصوتية ممتعة في المساء.
الحدائق النباتية: تتميز بحدائق نباتية جميلة، ومنخفض مالح، ونافذة للطيور، تعكس بيئة الكويت الطبيعية.
الخدمات والمرافق المتنوعة
تم تزويد الحديقة ببنية تحتية متكاملة لخدمة الزوار، بما في ذلك: